Thursday, May 26, 2011

عرض كتاب "كفاحي" لهتلر


عرض كتاب "كفاحي" لهتلر
مسلم أبو عمر
استفزني ما قرأت قبل أسابيع، في كتاب رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو "مكان تحت الشمس"، من أفكار ورؤى مريضة، ليس لها من أساس سوى الكذب والتضليل وتحريف التاريخ. وقلت في نفسي، أيعقل أن يوجد  بشر يفكرون بمثل هذا المنطق المنحرف؟ وهل بعد هذا الانحطاط العنصري انحطاط؟ ولم تطل حيرتي كثيرا فقد قيض الله لي أن اطلعت مؤخرا على كتاب يفوق ما كتب نتنياهو عجرفة وتطرفا، ألا وهو كتاب "كفاحي" لأدولف هتلر.
والكتاب هو طبعة جديدة منقحة لما كتب هتلر، يدّعي ناشرها سلامة نسخته هذه من مقص الرقيب وأقلام المحرّفين، صدرت عن دار بيسان للنشر والتوزيع عام 2009. ويرى القارئ بين دفتي الكتاب صفحات سوداء من تاريخ البشرية، تغلّب فيها منطق القوة على قوة المنطق، واستبد فيها الشعور القومي العنصري على مشاعر الأخوة الإنسانية. فالكاتب، أدولف هتلر، وهو أشهر من أن يعرّف، يقدم للقارئين خلاصة فكره وفكر حزبه العنصري. فلا يتورع عن تسمية مشروعه بالعنصري، فالدولة العنصرية بنظره هي أسمى أشكال الدول، والحضارة العنصرية هي الحضارة. ولكن عنصرية هتلر هذه لا تمتد لتشمل العناصر البشرية الأخرى. فالعنصر الآري هو أصل الحضارة وهو مستحق المجد وحده، أما سواه فهم عالة على هذه الأرض، وبطن الأرض أولى بهم من ظاهرها.
هذه الأفكار المتطرفة وغيرها، دفعتني للتفكر في حكمة الخالق سبحانه، فمثل هذا القائد المتطرف قد ضرب مثالا لما يكون عليه الانسان عند تقديسه لعرقه القومي على حساب الأخوة الإنسانية.
وكتاب هتلر هذا يضم في ثناياه جولة في حياة هتلر وأفكاره، بدأها بالحديث عن طفولته وشبابه، ومضى أثنائها يتحدث عن اليهود ومشاعره تجاههم على مدى ثلاثة فصول. ولولا ما نرى من اليهود في فلسطين والعالم من إرهاب وعنصرية لجرنا تطرف هتلر للشفقة عليهم. وعلى كل حال، فالمطالع لصورة اليهودي في عقل هتلر يرى شيطانا ماكرا طماعا جشعا يبث السموم الخلقية والفكرية في أوساط البشرية. ولعل هذه الصورة تفسر ما ارتكبه هتلر ونظامه بحق يهود أوروبا من قتل وإهانة دفعت بهم لتسريع الهجرة إلى جنّة الله في أرضه فلسطين.
ويمضي هتلر بعدها في الفصول الرابع وحتى التاسع يتحدث عن الفكرة الشيوعية الماركسية وخباثتها، وكيف أنها لا تعدو أن تكون إحدى حبائل اليهودية العالمية التي نسجها اليهود للسيطرة على العالم.
أما في الفصول العاشر حتى الثالث عشر فيعرض هتلر نظريته في الأجناس، وكيف أن "العرق الآري هو أرقى الأعراق"، وكيف أن اختلاط العرق الآري بغيره من الأعراق "قاد إلى انحطاط الحضارة البشرية".
ويمضي هتلر بعدها في الفصول الرابع عشر حتى التاسع عشر يتحدث عن حزبه النازي، وكيف نهض به إلى القمة محطما كل ما اعترضه من صعوبات، خصوصا إرهاب الماركسيين ودسائس اليهود.
وينهي هتلر كتابه بعرض آرائه بالحركة النقابية في خمسة فصول، فيسفّه الديمقراطية والعمل البرلماني، ويمجّد القوة والبطش المادي، ويؤكد مرة بعد مرة أن تلك الوسائل لا تعدو أن تكون حيلا يستخدمها اليهود للسيطرة على العالم.        
إذن شاءت الأقدار أن تتاح لهتلر فرصة عرض أفكاره العنصرية المتطرفة في كتاب، وكان له أن توّج هذا العرض بجماجم الملايين من البشر، ركم بعضها على بعض ليثبت للعالم أن "ألمانيا فوق الجميع"، ولكن قضت المشيئة الإلهية أن ينتحر وتحترق جثته وينال لعنة الجميع.
وفي مشهد درامي "حزين" يختم ناشر الكتاب "كفاح هتلر" بقصة انتحاره، فيا لها من نهاية، ويا له من "كفاح"!!

Saturday, May 21, 2011

يقظة العرب وسقوط المزاعم

استيقظ العرب أخيرا من غفلتهم، فصنعوا ثورتهم، وصنعوا التاريخ بأيديهم بعد أن كان يصنع لهم في مراكز الدراسات الأمريكية ومطابخ صنع القرار الصهيونية. نهض العرب ونفضوا غبارا من الذل تراكم على رؤوسهم عبر أزمنة طويلة. استيقظ العرب ونهضوا وقالوا كلمتهم بعد كبت طويل.
"الشعب يريد إسقاط النظام"، صيحة وحدت الجموع في القاهرة وتونس، وصنعاء وطرابلس.. لم يأبه الهاتفون حينما أعلوا أصواتهم بشكل نظامهم السياسي، ولا أظنهم يأبهون بشكل النظام القادم، رئاسيا كان أم برلمانيا. كل همهم كان منصبا على اجتثاث شجرة النظام الخبيثة، نظام التبعية والاستبداد، والظلم والفساد، فالمهم الجوهر، أما الشكل، فكل أمر بعد الحرية يهون.
رأى العالم ورأينا، شبابا ثائرا يكذب الكثير من الدعاوى والمزاعم المعادية. فكم سمعنا زاعمين يزعمون أن "العرب ليسوا أهلا للديمقراطية"، أو أن "العرب قطيع من التابعين"، أو أن "العرب يغرقون في ظلام الجهل والفساد بينما "اسرائيل" منارة للديمقراطية والتقدم". مزاعم كانت ترددها أجهزة الإعلام الصهيونية (والمتصهينة) وتشن بها الحملات تلو الحملات. حتى أتى أمر الله فثارت الملايين من المحيط إلى الخليج.
نهض العرب فتداعت المزاعم، وتساقطت الفرية تلو الأخرى.
كثيرا ما سمعنا محللين غربيين يجزمون بأن العرب ليسوا مستعدين للديمقراطية أو أنهم غير مؤهلين لتطبيقها. وما أكثر الأمثلة التي كانت تستحضر لإثبات هذه الفرضية. فمن مستدل بوضع العراق بعد "فرض الديمقراطية" عليه (يقصدون بعد تدميره باسم الديمقراطية) ومن مستدل بمظاهر الفساد السياسي والاجتماعي والاقتصادي المستشرية في الدول العربية إلى مستشهد برضى طبقات كثيرة من الأمة بتلك الأحوال. كل تلك الأمثلة والمشاهد كانت تساق لإثبات أن العرب غير مؤهلين لنيل الديمقراطية (أو باختصار لا يستحقونها!).
وها هم ملايين الشباب الذين اعتصموا في "ميادين التحرير" يثبتون فشل هذه النظرية ويفضحون من كان خلفها من حكام ظلمة ونظام عالمي متآمر. فدماء التونسيين والمصريين التي سالت في سبيل الحرية، ودماء الليبيين واليمنيين التي ما زالت تسيل، تدحض كل تلك الدعاوى وتسقط الفلسفة العنصرية الاستكبارية التي قامت على أساسها مثل تلك المزاعم.
وهنا زعم آخر أجهضته ثورات العرب ونهضتهم، يتمثل في المثل الذي طال رواجه قديما أن "جوع كلبك يتبعك". وما أظن مثل هذا الحال كان ممكننا لولا الفلسفة التي انتهجها حكام الأمة الظلمة حينما ظنوا أن شعوبهم قطعان من الكلاب. لم تفلح "سياسة التجويع" في تغيير معدن الأمة الأصيل، فأثبتت تلك الشعوب أنها أمة أسود. ولعل تجويع الحكام لتلك الأسود ردحا من الزمن هو ما خلط الأمر على الحكام فظنوا أن شعوبهم أضحت كلابا. ولكن شعوبا تجري في شرايينها بقايا من روح العز بن عبد السلام (مصري) وأسد بن الفرات (تونسي) لا يمكن إلجامها وتقييدها وتجويعها أبد الدهر. فجاءت الساعة التي تزأر فيها الأسود العربية بحول الله وقدرته، فأبطلت السحر وردته على الساحر وعادت الأسود أسودا وفر من كان يسومها سوء العذاب.
ولعل زمرة حكامنا الظلمة لم يقرؤو التاريخ قط (لعلهم لا يجيدون القراءة أصلا) ولم يمروا على صيحة أحد الشعراء العرب قبل ألف عام:
نعاطي الملوك السلم ما قصدوا بنا              وليس علينا قتلهم بمحرم
ولربما مر عليه بن علي ومبارك متاخرين فآثروا النكوص على عقبيهما والنجاة بأرواحهما، بينما جهله صاحب "الكتاب الأخضر" فآثر الاستمرار حتى النهاية (القتل بلا شك).
وزعم آخر بددته نهضة العرب، هو أن "اسرائيل" واحة من الديمقراطية في غابة من الجهل والديكتاتورية (لعل وصف "الصحراء" أكثر دقة من وصف الغابة) وأنها منارة التقدم في بحر مظلم من الجهل العربي. فها قد جاءت ثورات العرب وتضحياتهم من أجل الحرية والديمقراطية لتلجم أجهزة الإعلام الصهيونية وتخرس أبواقها العميلة.
ورغم أن عقودا من الظلم والتمييز والإرهاب الصهيونيين كانوا كفيلين بدحض هذه الفرضية المزعومة إلا أن الله قيض لأمة العرب أن تنهض فتثبت عكس ذاك الزعم بنفسها. فلا "اسرائيل" واحة ديمقراطية (وهي التي دعمت الديكتاتوريات أدهرا مديدة)، ولا العرب عادوا يرزحون تحت حكم المستبدين. وليس أدل على وعي العرب من خروجهم إلى الشوارع والميادين آلافا مؤلفة يوما بعد يوم حتى بزغ في مصر وتونس فجر جديد، وما زالت دول عربية أخرى بانتظار الصبح.
هم على موعد مع الصبح إذن، فنسأل الله لهم الثبات، ولم يبق مثل الذي فات، فالصبح وربي قريب!

Saturday, February 5, 2011

سيناريوهات "محتملة" لمئالات ثورة مصر 2011

سيناريوهات "محتملة" لمئالات ثورة مصر 2011

أبو محمد أبو عمر

في ظل تصاعد الضغط الشعبي على النظام المصري المتآكل، تبدو في الأفق ملامح سيناريوهات عدة محتمل وقوعها في المستقبل القريب. فالنظام المصري لا يتعرض لموجة سخط شعبي فحسب، بل تتعاظم مع الأيام موجة التنديد الدولي بموقف الرئيس مبارك المتصلب الرافض للاستجابة لمطالب الملايين من جموع الشعب المطالبة برحيله كل يوم. فدعوة رئيس الوزراء التركي أردوغان لمبارك لإجابة رغبات شعبه، ودعوات الولايات المتحدة الخجولة لمبارك "لتسريع انتقال السلطة" بالإضافة للدعوات الشعبية من جموع المعتصمين والمتظاهرين حول العالم ، ليست إلا غيضا من فيض الضغوط الدولية التي يعايشها نظام مبارك هذه الايام.

كل هذه المواقف الشعبية والدولية، مشفوعة بقرائن تاريخية آخرها هروب بن علي، ترجح احتمالية استجابة مبارك لهذه الدعوات وتنحيه عن الرئاسة.

ولكن السؤال الذي تصعب الإجابة عليه في حال تحقق نبوءة رحيل مبارك المنظور هو "من سيخلفه في عرش مصر؟"

قد تختلف الآمال والتطلعات الشعبية المصرية كثيرا عن آمال الإدارة الأمريكية التي تراقب الأمور عن كثب، إلا أن كلا الفريقين مجمعون على سقوط شرعية مبارك. فالولايات المتحدة بدأت تتحدث جديا عن عهد ما بعد مبارك، محاولة على ما يبدو استباق الأحداث والسطو على منجزات الشعب المصري الثائر. والقوى المصرية المحركة للجماهير ما فتئت ترفع سقف مطالبها مع مرور الأيام، وأقل ما قد تقبل به هذه القوى ومن خلفها من جماهير هو رحيل مبارك ونجله وإلى الأبد، ولعل هذه هي أهم نقطة يتفق عليها الجميع.

مرة أخرى نسأل، من سيخلف مبارك في حكم مصر؟

السيناريو الأول:

أول هذه السيناريوهات وأكثرها قبولا لدى الطرف الأمريكي ومن خلفه (أو من قبله) الطرف الصهيوني هو بقاء أحد مكونات المنظومة العسكرية المحيطة بمبارك في دفة القيادة. فليس من الحكمة (في نظر الصهاينة ومن خلفهم أمريكا) أن يقامر المرء بمصير حكم أكبر دولة عربية وأهم لاعب في المنطقة العربية أيام الحرب وأيام السلام. لذا، فبقاء أحد زبانية مبارك ونظرائه في الفكر و"الصداقة" للدولة الصهيونية هو أفضل ما يمكن تحقيقه. وفي هذه الحالة فإن التحدي الكبير الذي مرت به مريكا واسرائيل يكون قد انقلب إلى فرصة مميزة لتمديد الوضع الحالي لعشر سنين أو أكثر في ظلال عهد "مبارك الثاني".

وليس عمر سليمان الخيار الوحيد، رغم كونه الأفضل، بالنسبة للصهاينة والأمريكان، فثلاثون سنة من حكم مبارك كانت كفيلة بإفراز طبقة قيادية كاملة متواطئة مع المصالح والأهداف الأمريكية والصهيونية أيما تواطؤ. فالخيارات الأمريكية إذا مفتوحة، واللطيف هو الله!

السيناريو الثاني:

ثاني السيناريوهات، في نظري، هو ظهور حراك عسكري في الصف الثاني من قيادات الجيش، أي نشوب انقلاب عسكري أبيض أو دامي. وهذا غير مستبعد في المنطقة العربية الإفريقية، وما انقلاب موريتانيا عنا ببعيد. وهذا الخيار وإن كان أخف خطرا وضررا من السيناريو الأول، إلا أنه يكرس النموذج العسكري للحكم في كبرى الدول العربية، وليس يخفى على أحد ما للحكم العسكري من أضرار ومخاطر على الحريات العامة والديمقراطية. ثم ما الضمانة أن لا يلتف الأمريكان والصهاينة على الطبقة الحاكمة الجديدة ليسوقوها نحو الدوران في الفلك الأمريكي كسابقتها، حيث يساعدهم في ذلك غياب الرأي العام والنقد والتوجيه من قوى المعارضة والشعب. إذا ليس الخيار العسكري الثاني محبذا أيضا.

السيناريو الثالث:

أما السيناريو الآخر المحتمل، فهو تصاعد الضغوط الشعبية وصمود المتظاهرين حتى الاستجابة لجميع مطالبهم بما فيها تولي رئيس المحكمة الدستورية شؤون البلاد لفترة انتقالية تليها انتخابات شفافة تصعد بالبرادعي لسدة الحكم. وهذا الخيار وإن كان صعبا، فهو المفضل لدى طبقة عريضة من المصريين ولدى الغرب الموالي للديمقراطية وإن كان ذاك أمام الكاميرات على الأقل. خيار كهذا يعني ان القوى المصرية وعلى رأسها الإخوان ستقر للبرادعي بالقيادة وستدعم التغيير تحت مظلته. والبرادعي وإن لم يكن إسلاميا أو حتى متحمسا لأفكار الإسلاميين، فهو شخصية تحترم ثقافة تقبل الآخر والتعددية والحريات وتداول السلطة، وهذا أهم ما كانت تسعى لنيله القوى السياسية والشعبية على مدى عصور في مصر. ولعل الإخوان يدعمون مثل هذا السيناريو بسبب تراكم الخبرات من عدة دول عربية كالجزائر وفلسطين، فمنافستهم على الرئاسة ونيلها منذ بداية عهد الحرية قد يلفت إليهم أنظارا كثيرة (لم تغفلهم أصلا ولو للحظة) وهم في غنى عن مثل تلك العيون. وما فتئ الإسلاميون يتحلون بفضيلة الصبر ويتمثلون أسلوب التدرج، ولا أظن إخوان مصرعلى عجلة من الأمر لاعتلاء عرش مصر وقد اتيحت لهم مثل تلك الفرصة من قبل فآثروا غير ذلك.

ولكن هل ستترك أمريكا البرادعي وشأنه؟ في الحقيقة يطرح كثير من المشككين مسألة علاقات البرادعي بالغرب وعلمانيته الواضحة كدليل على أن الرجل من صنع أمريكا أو مبعوثها غلى مصر، وما إحجام أمريكا عن دعمه المباشر إلا مؤامرة لم تظهر ملامحها بينة بعد. رغم تعدد هذه الشكوك إلا أنني أغلب الظن أن الرجل مصري وطني قد يتقبل بعض الضغوط الامريكية ولكنه سيحافظ على حريات شعبه وحقوقه ولن ينسى معروف القوى المعارضة التي أوصلته إلى سدة الرئاسة وعلى رأسها الإخوان. ففي نظره وهو مشاهد الآن للأحداث، من يستطيع اسقاط مبارك بإمكانه إسقاط ألف برادعي! أما أمريكا، فلن تعدم الحيلة وستسعى للالتفاف حول الرجل وكسبه إلى صفها، ولكن ليست أمريكا في وضعها الراهن من الراغبين في (أو قل القادرين على) بذل الوقت والجهد لكسب رئيس دولة كانت تدير شؤون سلفه 30 عاما بكل أريحية.

على كل، فهذا السيناريو محتمل وهو يعتمد على صمود أهلنا في مصر.

السيناريو الرابع:

سقوط مبارك تحت وطأة الضغوط الشعبية والتنديد الدولي وإتاحة الفرصة لانتخابات حرة تأتي بأكثر القوى السياسية المصرية حضورا في الساحة أي الإخوان المسلمون. ولكن، رغم خشية الغرب وإسرائيل من هذا الخيار، فالأسباب المذكورة في السيناريو السابق كفيلة بإقناع الإخوان أن يتريثوا ولا يحرقوا كل أوراقهم من أول استحقاق انتخابي. ومع توقعنا أن يزهد الإخوان في الرئاسة، هذه المرة على الأقل، فلا أظنهم يزهدون في الحومة لو زهدوا في الرئاسة، ففرص الإصلاح عبر الحكومة وفيرة، ومع هذا فانا أرجح أن لا يلقي الإخوان بكل ثقلهم بل يشاركون في الانتخابات البرلمانية بقدر محدود يؤهلهم على الأقل للمشاركة في الحكومة بثقل محترم. وعلى كل حل، فوصول الإخوان إلى رأس هرم السلطة ليس مستبعدا تماما، وحينها فقد دخلت مصر والمنطقة عهدا جديدا ستعيش فيه إسرائيل بين حكومات إسلامية من الشمال (حكومة حزب الله) والجنوب (مصر وغزة) وربما الشرق أيضا (الأردن مثلا!). فلن يبقى عندها سوى البحر ملجئا لليهود!

وهذا السيناريو يغيظ الصهاينة والأمريكان أيما غيظ، فما تركيا مثلا عن الصهاينة ببعيد، نقول ذلك مع علم الجميع ما لحكومة تركيا من ليونة وتقبل لوجود الكيان الصهيوني!

السيناريو الأخير:

وهو ما لا يرجو أي مصري أو عربي أو مسلم أو أي حر من أحرار العالم أن يتحقق، وهو صمود النظام المصري بزعامة مبارك على عرش مصر. ورغم امكانية تحقق هذا الاحتمال، كما تحقق في الصين 1989 ولو بوجود اختلافات عدة، إلا أن وقائع الأحداث وتواليها يشير إلى غير ذلك. فالتغيير قادم، وما ذلك على الله بعزيز.

أما خيار التوريث فقد "شطب" من أول يوم ولا أرى داعيا لتذكره أصلا. والله أعلم.

Sunday, September 26, 2010

Once again, goodbye Obaidah!

By: Muslim
The dawn of a new year has killed the dark night of a sad year, yes; it’s been a year since September 2009. It has been a year since the coward murder of Obaidah. Time has lapsed without feeling it! One year ago, we promised Obaidah many things; we promised to continue his struggle, we promised to spread awareness of his cause, we promised to tell his story to everyone around us, and we promised many other things. Have we fulfilled our promise? It’s an open question to everyone.

It’s about his cause then, not about his person. Though it is true Obaidah was very dear to many of us, the cause he sacrificed his life for is also dear, it’s dearer than lives and properties; it’s about the Holy Land. Dozens of martyrs followed on his footsteps, they did not hesitate to sacrifice their souls for Palestine and the Aqsa Mosque, and they were brave as usual. Let’s look at ourselves again. How about us? Were we brave enough to sacrifice our time for that holy cause? Were we generous enough to sacrifice our money for it? Or we were just good at talks?

The tears we shed for Obaidah should not dry that easy without proving they were sincere. Our deeds should reflect our sincerity. And although it’s been a year since his martyrdom, a lot still can be done to serve the cause he died for.

Once again, goodbye Obaidah!

Saturday, August 21, 2010

عرض كتاب "أمريكا مرة أخرى"

عرض: مسلم أبو عمر

يعرض الدكتور عماد الدين خليل في كتابه "أمريكا مرة أخرى" خواطر وتحليلات كان قد كتبها إبان الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 وما بعده. والأستاذ الدكتور عماد الدين خليل مفكر ومؤرخ وأديب عراقي من مواليد الموصل عام 1941م، له عشرات الكتب والمصنفات في التاريخ والأدب والفلسفة والفكر، درس ودرّس في العديد من الجامعات العربية والإسلامية وأشرف على إصدار عدة موسوعات تاريخية، كما وشارك في وضع مناهج التاريخ في عدد من الجاتمعات العالمية. ويمتاز أسلوب الدكتور بروعه البيان اللغوي مع الحفاظ على الحقائق والأرقام واضحة دون لبس أو تغيير.

وكتاب " أمريكا مرة أخرى" هو مجموعة مقالات وخواطر كتبها الدكتور خليل أثناء فترة الغزو الأمريكي للعراق. وقد قام الدكتور بجمع هذه المقالات في كتابه هذا وكتب المقدمة في العام 2005 إلا ان الأقدار شاءت أن يتأخر إصدار الكتاب حتى هذا العام 2010. ويضم الكتاب 43 مقالا يدور حديث جلها عن أهداف النظام الأمريكي من عدوانه على العراق، وعن الدور الصهيوني الآثم في ذلك العدوان. والكتاب صادر عن دار ابن كثير للطباعة والنشر والتوزيع عام 2010م.

ويستهل الدكتور خليل كتابه بمقال بعنوان "أمريكا والعراق، ما جرى وما سيجري" يكشف فيه الأهداف الحقيقية للعدوان الأمريكي على العراق. فيجمل الأهداف في أربعة، أولها وأوضحها الاستيلاء على النفط العراقي. وثانيها تفكيك العراق، عبر تدمير الإنسان العراقي بكل السبل المتاحة، مع التركيز على العلماء والمثقفين حتى تضلّ الأجيال القادمة طريقها نحو النهضة. وثالث الأهداف هو تغيير الهوية الإسلامية للعراق عبر التحكم في الأنظمة التعليمية وتغيير مناهج التدريس. ثم من الأهداف أيضا تصفية القضية الفلسطينية عبر تدمير الجيش العراقي وإجبار الحكومة المستقبلية على الاعتراف باسرائيل وغيرها من الخطط والأساليب. وآخر هذه الأهداف هو فرض الإرادة والمصلحة والثقافة الأمريكية على العالم وتأكيد نظام القطب الأحادي ونشر العولمة على أوسع نطاق.

ثم يتنقل المؤلف في ثنايا الكتاب من موضوع لآخر في خواطر ومقالات متنوعة يجمعها الحرص على كشف خبايا الظلم الأمريكي وتحليل دوافعه ومسبباته. فيكتب مرة عن "الأمن القومي واختلاط الأوراق" ومرة عن "المسيحية اليهودية: هذا الدين الجديد" ومرة أخرى عن "النموذج الأمريكي" وفي هذه المقالات وغيرها يدعم أفكاره بشواهد من أقوال وأفعال الساسة الأمريكيين أنفسهم.

وفي فصل بعنوان "شيء عن العولمة" يتحدث الدكتور خليل عن أسباب النفوذ الذي تتمتع به الثقافة الأمريكية فيلخصها في ستة أسباب هي: هيمنة شركات الإعلام الأمريكية على التسويق العالمي، وتفوق الأمريكان في صناعة السينما والتلفاز، والقابلية التسويقية التي تتمتع بها المنتجات الثقافية الأمريكية المكونة من مزيج من الثقافات العالمية الوافدة، واهتمام الصناعة الثقافية الأمريكية بشريحة الشباب، واستيعاب الجامعات الأمريكية للنخب من شتى بلدان العالم، وأخيرا عامل التفرد الأمريكي على ساحة السياسة الدولية مما يجعلها نموذجا يحتذى لدى الكثيرين.

ويتحدث المؤلف في عدة فصول عن المحاولات الأمريكية لاختراق نظم التعليم العربية عبر شتى الوسائل، فيؤكد في فصل "مناهج التربية والتعليم: محاولات للاختراق" وفصل "إصلاح التعليم: البعد الحقيقي" وفصول أخرى، يؤكد وجود العديد من الخبراء الأمريكيين واليهود في مواقع حساسة تعنى بالإشراف على وضع المناهج التعليمية للدول العربية والإسلامية. ويدق الدكتور ناقوس الخطر محذرا من أن مثل هذه المحاولات قد تؤدي لخلق جيل ممسوخ الثقافة الإسلامية وقابل للتطبيع مع العدو الصهيوني إذا لم يفطن المسؤولون التربويون لهذا الخطر.

ويكشف المؤلف في فصلي "شيء عن أمريكا من الداخل" و" صدّق أو لا تصدّق" حقيقة التغلغل الصهيوني في الإدارة الأمريكية، وكيف أن اللوبي اليهودي قد نجح في ابتزاز القادة الأمريكان حتى أصبحوا يتسابقون لإرضاء إسرائيل. ويسخر الدكتور خليل في فصلي "كوميديا الحمائم والصقور 1-2" مما ينشره الإعلام عن انقسام الإدارة الأمريكية إلى صقور وحمائم في معالجتها لقضايا العالم الإسلامي، ويؤكد أن كلا الطرفين متفق على الانحياز لإسرائيل مهما كانت الظروف والأبعاد.

ويعرض الدكتور لما حصل في العراق إبان الإحتلال من تخريب للمؤسسات وتدمير للمعالم الحضارية في فصل عنوانه " مجزرة الثقافة". ويؤكد أن الأمريكان كانوا على علم بما سيتم للمتاحف والمكتبات والجامعات من نهب وتخريب، إلا أنهم بدل أن يمنعوا وقوع هذه الجرائم، ساهموا في حمايه الجناة المجرمين لإتمام خرابهم ذاك. ويذكّر المؤلف بالاحتلال المغولي القديم لبغداد عام 656 هـ وكيف أن الكتاب كان واحدا من ضحاياهم، ويعقد مقارنة بسيطة ومؤثرة بين ذاك الاحتلال والإحتلال الأمريكي الحالي.

ويسخر المؤلف في فصل بعنوان "شيء عن المبادئ الأمريكية" من ادعاءات بعض المسؤولين الأمريكان أنهم أصحاب مبادئ إنسانية وقيم راقية، فيذكر بجرائم سجني "أبو غريب" و"غوانتانامو"، و الدعم الأمريكي للعدو الصهيوني، وقبل ذلك كله مجزرتا هيروشيما وناغازاكي النوويتين.

ويخلص المؤلف في الفصل الأخير "3 ثغرات في إدارة الأزمات" إلى أن الهزائم والمصائب التى عانتها ولا زالت تعاني منها أمتنا يجب أن تحفزنا على تغيير هذا الواقع المرير. ويوصي بأن تكون هزيمة 1967 مثالا نعتبر منه، حيث كنا منذ ذلك الحين وحتى الآن أصحاب ردود فعل بحيث فقدنا روح المبادرة، ومن المعلوم أن المبادئ هو الرابح غالبا. ويوصي المؤلف أيضا بأن نتعلم من الرسول القائد عليه الصلاة والسلام وكيف أنه عليه السلام كان يرسم الخطط الدقيقة ويعد أفضل إعداد ثم يبادر ويبدأ الفعل.

ويدعو المؤلف أيضا إلى محاكاة الغرب في فن دراسة المستقبل بحيث نكون متأهبين لأي شيء من عوادي الدهر. وأخيرا يوصي بأن نعمل على نشر الوعي السياسي بين الناس بحيث يصبحون على مستوى يؤهلهم للتقدم والرقي ويعينهم على الخروج من المآزق والأزمات، وما أكثرها من أزمات.

لعل أسلوب الكتاب يختلف عن الأبحاث والمؤلفات الأكاديمية الكثيرة التي كتبت حول موضوع الغزو الأمريكي للعراق، إلا أن روح هذا الكتاب وأسلوبه اللغوي الراقي بالإضافة لحشد الحقائق والأرقام التي يثبتها مؤرخ ذو باع طويل في التاريخ، كل هذه العوامل تؤهل هذا الكتاب ليكون مرجعا أساسيا يؤرخ لمرحلة مهمة من عمر العراق، بل والعالم أجمع.